Rabu, 01 Juni 2011

علم المكاشفة

تعريف
علم المكاشفة وهو علم الباطن وذلك غاية العلوم. قال بعض العارفين: من لم يكن له نصيب من هذا العلم أخاف عليه سوء الخاتمة، وأدنى نصيب منه التصديق به وتسليمه لأهله.
وقال آخر: من كان فيه خصلتان لم يفتح له بشيء من هذا العلم: بدعة، أو كبر. وقيل: من كان محباً للدنيا أو مصراً على هوى لم يتحقق به وقد يتحقق بسائر العلوم، وأقل عقوبة من ينكره أنه لا يذوق منه شيئاً وينشد على قوله.[1]
وهو علم الصديقين والمقربين، أعني علم المكاشفة فهو عبارة عن نور يظهر في القلب عند تطهيره وتزكيته من صفاته المذمومة، وينكشف من ذلك النور أمور كثيرة كان يسمع من قبل أسماءها فيتوهم لها معاني مجملة غير متضحة، فتتضح إذ ذاك حتى تحصل المعرفة الحقيقية بذات الله سبحانه، وبصفاته الباقيات التامات، وبأفعاله، وبحكمة في خلق الدنيا والآخرة، ووجه ترتيبه للآخرة على الدنيا.[2]
        الكشف عندهم هو مبدأ الشهود وهو نور تجلى معاني الأسماء الحسنى على القلب فتضيء به ظلمة القلب ويرتفع به حجاب الكشف, ولا تلتفت إلى غير هذا فتزل قدم بعد ثبوتها فإنك تجد في كلام بعضهم تجلي الذات يقتضي كذا وكذا وتجلي الصفات يقتضي كذا وكذا وتجلي الأفعال يقتضي كذا وكذا.[3]
        قال صاحب الكاتب مدخل إلى التصوف الإسلامي على ان العارف لايرى الا الله تعالى و لا يرى غيره.و يعلم أنه ليس في الوجود إلا هو وأفعاله ومن هذه حاله فلا ينظر في شيء من الأفعال إلا ويرى فيه الفاعل ويذهل عن الفعل من حيث إنه سماء وأرض وحيوان وشجر، بل ينظر الى ذلك كله من حيث أنه صنع الواحد الحق فكل العالم اذن تصنيف الله تعالى، فمن نظر إليه من حيث إنه فعل الله وعرفه من حيث إنه فعل الله وأحبه من حيث إنه فعل الله لم يكن ناظراً إلا في الله ولا عارفاً إلا بالله ولا محباً إلا الله.[4]
        ومن هذا حاله" هو الموحد الحق الذي لا يرى إلا الله، بل لا ينظر إلى نفسه من حيث نفسه بل من حيث إنه عبد الله، فهذا الذي يقال فيه إنه فني في التوحيد وإنه فني عن نفسه. وإليه الإشارة بقول من قال: كنا بنا ففنينا عنا فبقينا بلا نحن"[5]
        بهذا الوضوح يصف الغزالى تجربة الفناء فى التوحيد هو ثمرة المعرفة, يعيب على غيره ممن لم يحسن التعبير عنها قائلا " فهذه أمور ( أي الامور المتعلقة بالفناء ) معلومة عند ذوي البصائر، أشكلت لضعف الأفهام عن دركها وقصور قدرة العلماء بها عن إيضاحها وبيانها بعبارة مفهمة موصلة للغرض إلى الأفهام، أو باشتغالهم بأنفسهم واعتقادهم أن بيان ذلك لغيرهم مما لا يعنيهم، فهذا هو السبب في قصور الأفهام عن معرفة الله تعالى.[6]
        على أن الغزالى من ناحية أخرى يرى أن التعبير عن حقائق التوحيد التي تنكشف فى حال الفناء بألفاظ اللغة يوقع صاحبه في اشكالات لا حصر لها. فيؤثر لذالك الامساك عن الخوظل فيها نجده يقسم علوم التصوف الى قسمين الاول التصوف كعلم المعاملة. وهذا هو ما دونه في اىحياء, والثانى التصوف كعلم المكاشفة, وهذا لا رخصة في ايداعه الكتب.[7]
        و يرى الغزالى ان الواصل الى المكاشفة قد خاض لجة الحقائق وعبر ساحل الأحوال والأعمال واتحد بصفاء التوحيد وتحقق بمحض الإخلاص، فلم يبق فيه منه شيء أصلاً، بل خمدت بشريته وفنى التفاته إلى صفات البشرية بالكلبة، ولست أعني بفنائه فناء جسده بل فناه قلبه، ولست أعني بالقلب اللحم والدم بل سر لطيف, وهذا الفناء مقام من مقامات علوم المكاشفة. منه نشأ خيل من ادى الحلول و الاتحاد, و قال " أنا الحق" ( بشير هنا الى الحلاج)[8]
        ينقسم التوحيد الى أربعة مراتب, الاول أن يقول لا اله الا الله بلسانه و قلبه غافل عن معنى قوله وهذا توحيد المنافقين, والثانية أي يصدق بمعنى اللفظ كما صدق به عموم المسلمين وهذا أمر اعتقاد العوام, والثالثة أن يشاهد ذلك بطريق الكشف بواسط نور الحق وهو مقام المقربين, الرابعة أن لايرى في الوجود الا واحد وهو مشاهدة الصدقين و تسميه الصوفية الفناء في التوحيد.[9]
        يري الغزالى هذه المرتبة الرابعة أعلى المراتب لان الموحد هنا, لم يحضر في شهوده غير الواحد, فلا يرى الكل من حيث أنه كثير بل من حيث أنه واحد.
        يفترض الغزالى أن معترضا عليه قد يقول: كيف يتصور أن لا يشاهد إلا واحد وهو يشاهد السماء والأرض وسائر الأجسام المحسوسة وهي كثيرة، فكيف يكون الكثير واحدا؟
        ويجيب على هذا الاعتراض قائلا في عبارات واضحة للغاية: فاعلم أن هذه غاية علوم المكاشفات. وأسرار هذا العلم لا يجوز أن تسطر في كتاب، فقد قال العارفون: إفشاء سر الربوبية كفر، ثم هو غير متعلق بعلم المعاملة، نعم ذكر ما يكسر سورة استبعادك ممكن، وهو أن الشيء قد يكون كثيرا بنوع مشاهدة واعتبار، ويكون واحدا بنوع آخر من المشاهدة والاعتبار.
        وهذا كما أن الإنسان كثير إن التفت إلى روحه وجسده وأطرافه وعروقه وعظامه وأحشائه، وهو باعتبار آخر ومشاهدة أخرى واحد إذ تقول انا إنسان واحد، فهو بالإضافة إلى الإنسانية واحد، وكم من شخص يشاهد إنسانا ولا يخطر بباله كثرة أمعائه وعروقه وأطرافه وتفصيل روحه وجسده وأعضائه، والفرق بينهما أنه في حالة الاستغراق.. مستغرق بواحد ليس فيه تفريق وكأنه في عين الجمع، والملتفت إلى الكثرة في تفرقه.[10]
        فكذلك كل ما في الوجود من الخالق والمخلوق له اعتبارات ومشاهدات كثيرة مختلفة، فهو باعتبار واحد من الاعتبارات واحد، وباعتبارات أخر سواء كثير.. ومثاله الإنسان وإن كان لا يطابق الغرض ولكنه ينبه في الجملة على كيفية مصير الكثرة في حكم المشاهدة واحدا.[11]
        تعبير عن علم المكاشفة رمزا
        يتفق الغزالى مع غيره من الصوفية في أن التعبير عن حقائق التوحيد صعب للغاية. ولاتصلح له اللغة العادية ومن هذا أسلوب الغزالى بوجه تام واضح لأن ذلك في نطاق علم المعاملة, أما علم المكاشفة فليس الى تدوينه من سبيل. و اذا اضطر الصوفي الى التعبير عنه لم يعبر إلا رمزا. في ذلك يقول الغزالى: المقصود من هذا الكتاب علم المعاملة فقط دون علم المكاشفة التى لا رخصة في ايدائها الكتب.
        و ان كانت هي غاية مقصد الطالبين و مطمح نظر الصديقين, و علم المعاملة طريق اليه, ولكن لم يتكلم الانبياء صلوات الله عليهم مع الخلق إلا في علم الطريق و الارشاد اليه, و أما علم المكاشفة فلم يتكلموا فيه الا بالرمز و الإيماء على سبيل التمثيل و الاجمال علما منهم بقصور افهام الخلق عن الاحتمال.[12]


مراجع
-      مدخل إلى التصوف الإسلامي للأبي الوفاء الغنيمي التفتازاني, دار الثقافة باالقاهرة: 1978 م
-      إحياء علوم الدين للامام أبي حامد بن محمد الغزالي, الطبعة الثالثة. دار الفكر: 1411هـ - 1991 مـ
-      مدارج السالكين لإبن قيم الجوزية, دار الفكر:1412هـ - 1991م



[1]  إحياء علوم الدين,  جـ 1, ص 31
[2]  إحياء علوم الدين,  جـ 1, ص 31
[3]  مدارج السالكين, جـ 3, ص 110
[4]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 176
[5]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 176
[6]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 177
[7]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 177
[8]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 177
[9]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 178
[10]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 178
[11]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 179
[12]  مدخل إلى التصوف الإسلامي, ص 180

Ditulis Oleh : Andi // 22.09
Kategori:

0 komentar:

Posting Komentar

 
free counters

Blogger Community

Diberdayakan oleh Blogger.